سورة السجدة - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (السجدة)


        


{وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (29)}
قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} {مَتى} في موضع رفع، ويجوز أن يكون في موضع نصب على الظرف. قال قتادة: الفتح القضاء.
وقال الفراء والقتبي: يعني فتح مكة. وأولى من هذا ما قاله مجاهد، قال: يعني يوم القيامة. ويروى أن المؤمنين قالوا: سيحكم الله عز وجل بيننا يوم القيامة فيثيب المحسن ويعاقب المسيء. فقال الكفار على التهزئ. متى يوم الفتح، أي هذا الحكم. ويقال للحاكم: فاتح وفتاح، لان الأشياء تنفتح على يديه وتنفصل.
وفي القرآن: {
رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ} [الأعراف: 89] وقد مضى هذا في البقرة وغيرها. {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ} على الظرف. وأجاز الفراء الرفع. {لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} أي يؤخرون ويمهلون للتوبة، إن كان يوم الفتح يوم بدر أو فتح مكة. ففي بدر قتلوا، ويوم الفتح هربوا فلحقهم خالد بن الوليد فقتلهم.


{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)}
قوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} قيل: معناه فأعرض عن سفههم ولا تجبهم إلا بما أمرت به. {وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} أي انتظر يوم الفتح، يوم يحكم الله لك عليهم. ابن عباس: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} أي عن مشركي قريش مكة، وأن هذا منسوخ بالسيف في {براءة} في قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]. {وَانْتَظِرْ} أي موعدي لك. قيل: يعني يوم بدر. {إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} أي ينتظرون بكم حوادث الزمان.
وقيل: الآية غير منسوخة، إذ قد يقع الاعراض مع الامر بالقتال كالهدنة وغيرها.
وقيل: أعرض عنهم بعد ما بلغت الحجة، وانتظر إنهم منتظرون. إن قيل: كيف ينتظرون القيامة وهم لا يؤمنون؟ ففي هذا جوابان: أحدهما- أن يكون المعنى إنهم منتظرون الموت وهو من أسباب القيامة، فيكون هذا مجازا. والآخر- أن فيهم من يشك وفيهم من يؤمن بالقيامة، فيكون هذا جوابا لهذين الصنفين. والله أعلم. وقرأ ابن السميقع: {إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} بفتح الظاء. ورويت عن مجاهد وابن محيصن. قال الفراء: لا يصح هذا إلا بإضمار، مجازه: إنهم منتظرون بهم. قال أبو حاتم: الصحيح الكسر، أي انتظر عذابهم إنهم منتظرون هلاكك. وقد قيل: إن قراءة ابن السميقع بفتح الظاء معناها: وانتظر هلاكهم فإنهم أحقاء بأن ينتظر هلاكهم، يعني أنهم هالكون لا محالة، وانتظر ذلك فإن الملائكة في السماء ينتظرونه، ذكره الزمخشري. وهو معنى قول الفراء. والله أعلم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8